ربما تظن أن جسدك تسكنه وحدك، ولا تعلم أن هنالك كيانات عدّة تشاركك السكن

في هذا الجسد. كل كائن من هذه الكيانات له رغباته المستقلة عن الكيانات الأخرى

وللأسف، قد تكون أسيرا لهذه الكائنات وتتوهم أنّ رغباتهم هي رغباتك أنت! فتعاني وتتناقض وتعجز عن تحقيق أي شيء هذه ليست خرافة، تابع!

علماء وفلاسفة المسلمين قديمًا استخدموا منهج وتقسيمات للنفس البشرية شبيهة لهذا التقسيم. مثل ابن القيم، وابن سينا، وأبو حامد، وابن عربي وغيرهم هذا التقسيم للنفس البشرية يخلّي الإنسان قادر أكثر على فهم رغباته ومصدرها والتحكم بها، بدلا من توهّم إن كلّ رغباته نابعة من إرادته الحرّة!

يوجد داخل النفس الإنسانية 8 قوى أساسية (البعض زادها والبعض نقصها) كل قوة من هذه القوى تعتبر كيان مستقل، له رغباته وحاجاته وسماته الخاصة المستقلة عن الكيانات الأخرى 4 قوى نورانية، و 4 قوى ظلامية القوة الظلامية ممكن تتحول لنورانية، والنورانية ممكن تتحول لظلامية إذا ما فيه توازن

"الأنا الخالصة" هي الملك في عالمك النفسي، هي الذات التي تراقب العالم من الداخل وتتخذ القرار. باختصار هي أنت، لكن بدون رغباتك، وحاجاتك، وعواطفك، وذكرياتك، وتعقيداتك كلّ هذه الرغبات مرتبطة بالكيانات التي تسكن داخلك، وليست أنت، واجتماع كل هذه التراكيب سوية، يكوّن "الأنا المركبة"

"الأنا الخالصة" مهمتها تستمع لرغبات هذه الكائنات التي تسكنك وحاجاتهم، وتقرّر وتختار الرغبات الي راح تنفّذها فكرة الفلاسفة هي أن نضع وزير كُفء لهذه "الأنا الخالصة" هذا الوزير مهمّته هو النظر في رغبات هذه الكيانات، وعدم تقديم أي رغبات عشوائية للأنا الخالصة عشان ما تهلك

الآن من هو الكيان الأكفأ لأن يكون وزيرًا يدير رغبات جميع الكيانات الأخرى ويصنع التوازن والعدل الداخلي؟ حسب الفلاسفة هذا الكيان هو القوّة العقلية، هي القوّة القادرة على تحديد الاحتياج الأمثل "للأنا المركّبة"، بحيث يُعطى كلّ كيان الاحتياج اللازم دون تفريط أو إفراط

هناك آخرين يعتقدون أنّ الوزير الأمثل هو القوّة العطائية باعتبارها الجانب الملائكي بنا وآخرين يعتقدون أن الوزير الأمثل هو القوة البهيمية، وهؤلاء هم ما يسمّون أنفسهم "عبّاد الشيطان" وآخرين يرون أنّ الإنسان يجب أن يعدم كل هذه الكيانات ويتحرر منها لتبقى فقط "الأنا الخالصة" الحقيقية

جرّب أن تراقب ذاتك بهذا التقسيم يوم تحس بجوع مثلا وأنت ملتزم بحمية غذائية استوعب أنّ هذا نداء القوّة البهيمية مو أنت، ويوم تحس بغضب استشعر إنها القوة السبعية، ويوم تحس بنعاس ورغبة بعدم الدوام استشعر أنها القوة النباتية، وهكذا وقرر بعدها أي القوى تسيطر عليك في يومك شكرا لكم

البعض الله يهديهم اعتبروا الكلام "شرك" و "تنجيم" و"كفر" ومن "علوم الطاقة"، وهذا ممكن بسبب قلّة اطلاعهم الإمام ابن القيم الجوزية في كتاب "الداء والدواء" ذكر كلاما شبيهًا، قسّم الذنوب إلى 4 أقسام، وسبب هذه الذنوب أربع قوى ظلامية وفي الثريد تمّ تفصيل الأمر أكثر لجميع هذه القوى

@bitter_reality0 أما كونها صحيحة 100% أو لا، الأمر بديهي ما يحتاج إلى إثبات. كلّ ما في الأمر إن كل عالم أو فيلسوف يحاول يصيغ نفس البديهيات لكن بأسلوبه والأسلوب المطروح فيه الموضوع للتبسيط والتقسيم لا أكثر

أيضًا الإمام أبو حامد الغزالي له تقسيمته الخاصة في كتاب "كيمياء السعادة " ، وبسّط الأمر إلى 4 تقسيمات بدلًا من 8 ، وسمّاهم "عساكر" بدلا من تسميتهم "قوى" أو "كيانات" وهي مفاهيم بدهيّة، يقسّمها كل عالم أو فيلسوف بطريقته وصياغاته الخاصة