أقوى قائد عسكري بالتاريخ يُقال بأنه هو "ذي القرنين" صاحب سد يأجوج ومأجوج

 اليوم بتكلم عن أقوى قائد عسكري بالتاريخ يُقال بأنه هو "ذي القرنين" صاحب سد يأجوج ومأجوج

الا وهو (الإسكندر الأكبر) ملك مقدونيا والإغريق وقاهر الفرس ومؤسس الإسكندرية القائد الذي لمّ يخسر أي معركة بحياته!

الإسكندر الأكبر هو أقوى قائد عسكري عرفه التاريخ، حقق انتصارات وفتوحات استثنائية ومذهلة، شخصيات مثله نادرًا ما تتكرر في الحياة.. لذلك هذا الثريد، راح يكون عبارة عن قسمين: - القسم 1 (سرد لسيرة الإسكندر وحملاته العسكرية) - القسم 2 (ارتباط الإسكندر بذي القرنين وهل هما شخص واحد؟)

في البداية أكيد كلكم تعرفون شيء اسمه "الحضارة الإغريقية" هذي الحضارة إلي كانت معروفة بازدهار الفن والفلسفة، كان يحكمها ملك اسمه "فيليب" إلي هو أساسًا أبو الإسكندر الأكبر الحضارة الإغريقية في ذلك الوقت كانت مشتركة بين اليونان ومقدونيا

الحضارة الإغريقية فقدت أجزاء كبيرة من أراضيها بسبب تضافر ما يُسمى "الإمبراطورية الأخمينية الفارسية" كانت هذه الإمبراطورية القوّة الأعظم والأكبر بالعالم استولت على معظم أراضي الشرق والغرب وكانت على وشك إنهاء الحضارة الإغريقية

هذه الأحداث كانت تدور قبل التاريخ الميلادي، وتحديدًا منذ 336 سنة قبل الميلاد.. الملك فيليب والد الإسكندر الأكبر كان هو الصامد الوحيد بوجه الأمبراطورية الأخمينية الفارسية التي تضم إيران والعراق (بابل) وروسيا والشام ومصر استمر صمود فيليب حتى ولادة ابنه..

- [ولادة الإسكندر الأكبر] قصة ولادة الإسكندر حاوطتها الكثير من الأساطير، يُحكى أن في يوم ولادته رأى والده فيليب نفسه في المنام ومعه ختم على شكل أسد، ختم به بطن أمه الأساطير ما وقفت عند فيليب فقط بل حتى أمه في يوم الولادة رأت بالمنام ملاك بشرها بابنها الإسكندر

الأمور الغريبة ما توقفت فقط على أبوه وامه بل أيضًا الحضارة بأكملها شافت حادثة كبيرة حصلت بيوم الولادة وكانت احتراق هيكل آرتميس وهو أحد عجائب الدنيا السبع ومعبد الأغريق التاريخي هذه الحوادث الأسطورية ممكن يكون هدفها التعظيم من الإسكندر، لكن الآدمي ما كان عادي وهذا ظهر أثناء حياته

- [الإسكندر بعمر الـ 10-13 عام] مباشرة بعد بلوغ الإسكندر فترة المراهقة ظهرت عليه السمات غير العادية، وكانت العلامة الأولى عندما وجدّ حصان جامح لا يروّض، حاول الملك فيليب بنفسه ترويضه ولم يستطع الإسكندر صاحب الـ10 أعوام طلب من أبيه ترويضه ونجح وانصاع له الحصان انصياعًا تاما

اشترى الملك فيليب الحصان لابنه واختار الإسكندر اسم "بوسيفالوس" لإطلاقه على الحصان ومعنى هذا الاسم هو "رأس الثور" بعض المؤرخين يعتبرون معنى الاسم قرني الثور! وهذا شيء مثير للإهتمام.. وطبعًا هذا الحصان لازم الإسكندر طيلة حياته وبفتوحاته وغزواته

الملك والشعب فخورون جدًا بعلامات الإسكندر المبكّرة والتي تبشّر بشجاعة ونباهة وطموح وريث استثنائي وعشان التوليفة الاستثنائية هذي تكتمل، أرسل الملك فيليب ابنه الإسكندر وهو ابن 13 عام للتعلم على يد الفيلسوف الشهير "ارسطو"

تلقن الإسكندر من أرسطو علوم ثقيلة عن الطب والفلسفة والأخلاق والمنطق.. تأسس الإسكندر صغيرًا بفطنته الحادة على أقوى العلوم من أقوى معلمي عصره أثناء تعلم الإسكندر ظهر له ولع شديد بأعمال هوميروس خصوصًا ملحمة الإلياذة التي أخذ منها نسخة حملها معه بكل حملاته العسكرية

- [الإسكندر بعمر الـ 16-20 عام] أنهى الإسكندر تعليمه بعمر الـ 16 عام، ومرت السنين حتى أخذت اليونان منعطف تحول كبير في تلك الفترة وحّد الملك فيليب صفوف اليونان وكان راغبا بغزو الإمبراطورية الفارسية، ولكن أغتيل فيليب بشكل غامض، وتولى ابنه الإسكندر الحكم وعمره 20 سنة فقط

الفتى النبيه الشجاع الإسكندر (20 عام) أصبح رسميًا هو الملك! منذ اليوم الأول لحكمه أمّن منصبه وأعدم منافسيه المشبوهين بالقصر، وسحق جميع التمردات، وخلق عبرة لمن لا يعتبر وبمجرد الانتهاء من الشؤون الداخلية، أعلن استعداده لفتح الإمبراطورية الأخمينية الفارسية

تحركّ الإسكندر بجيشه لآسيا الصغرى التي تقع فيها (تركيا) كان الإسكندر شخصيا يقود الجيش المختار بعناية من جميع أنحاء اليونان رغم صُغر سنه أثناء وصوله لآسيا الصغرى علم الأمبراطور الفارسي داريوس الثالث وأرسل جيش يفوق ضعف جيش الإسكندر لكن التفوق العددي لا يعني شيء بالنسبة للإسكندر

بالفعل انتصر الإسكندر إنتصارًا عظيمًا وأصبحت آسيا الصغرى تكمن تحت رحمته، الإسكندر كان واثقا من قدرات وإمكانيات جنوده وأسلحتهم التكتيكية كرمح الساريسا الذي ابتكره والده فيليب وهو رمح طويل يصل لحوالي 7 أمتار كان له استخدام فعالّ في التشكيلة التكتيكية في المعارك

تقدم الإسكندر لكسر أي مقاومات وتأمين الفتح الجديد بالكامل، وأثناء وصوله لوسط آسيا الصغرى إلتقى بلغز شعبي شهير غير محلول وهي "عقدة غوردية" تقول الأسطورة بأن الشخص الذي يستطيع فكّ العقدة سيحكم كل آسيا.. أخذ الإسكندر سيفه وقطع العقدة نصفين وغرز سيفه وقال "قبلت آسيا هدية من الرب"

استعد الإسكندر للحراك الثاني نحو بلاد الشام! مازالت الإمبراطورية الفارسية تتمتع بالثروة والقوة الهائلة لكن الملك الإسكندر يتمنى أن يخلد اسمه ويواجه ملك الملوك (داريوس الثالث) حاكم الإمبراطورية الفارسية

- [معركة إسوس] أصبح عمر الإسكندر 21 عام.. وكان ماضيًا في إكمال غزوه الذي اقترب من سوريا ولكن قبل عبوره الحدود ظهر الجيش الفارسي بقيادة داريوس الثالث نفسه وراء جيش الإسكندر ليحاصره بـ100ألف جنديّ! أغلق الجيش الفارسي بهذه الخطة طريق الهروب وأجبر جيش الإسكندر الصغير على القتال

لم يستسلم الإسكندر على الرغم من العدد الساحق وميدان المعركة الضيق، وقام بمناداة رجاله بأسمائهم وحثهم على القتال بشجاعة واتجه الإسكندر شخصيًا نحو ملك الملوك داريوس الثالث وبدلًا من مواجهته هرب داريوس وترك جيشه! وكانت النتيجة إنتصار مذهل للإسكندر بالمعركة

فتح هذا النصر العظيم الطريق للإسكندر بالتوسع داخل الشام، وكانت من غنائم النصر زوجة داريوس وأمه وبناته، وبدلًا من أخذهم كعبيد أحسنّ الإسكندر معاملتهم وتزوج من إبنة داريوس - الصورة تجسد نبيلات الفُرس بين أقدام الإسكندر الأكبر.. رسمها الفنان الفرنسي شارل لبرون بالقرن الـ17

بعد معركة إسوس وصل الإسكندر لسنه الـ22 ولم يهدأ له بال، وأخضع دول أخرى بالشام مثل فينيقيا (لبنان حاليًا) وفلسطين خضعت معظم المدن والبلدات الشامية للإسكندر دون قتال، إلا غزة قاومت ولكن حاصرها وتمكن من فتحها بالنهاية

الإسكندر أثناء رحلته تلك زار القدس وعرض عليه الأحبار اليهود نصوص من أسفار كتابهم المقدس وهو (سفر دانيال) وكان الإسكندر منفتح للإطلاع عليه دون إظهار أي كراهية يسرد هذا الكتاب المقدس والذي يؤمن به المسيحيين أيضًا رؤى للنبي دانيال يتنبأ من خلالها بأحداث ستقع قريبًا أو بآخر الزمان

في الإصحاح الثامن من سفر دانيال تحدث على أن هنالك ملك إغريقي عظيم سيغزو الإمبراطورية الفارسية وأن شاه فارس لن يقوى على الوقوف في دربه.. الغريب أن النص المقدس ذكر بأن أحد الملكين سيكون ذو قرنين! عُرضت هذه النبوءة للإسكندر وطُرب بسماعها وأكرم اهل القدس وزار هيكل حيرود

تحمس الإسكندر كثيرًا بعد هذه النبوءة المتعلقة به وأنطلق إلى مصر! وفور وصوله سلم له الحكام مصر بأكملها وتوجوه كفرعون! ورحبّ به الكهنة المصريين "كآبن آمون" والعجيب ألبسوه تاجًا بقرنين ولقبوه بالإسكندر ذي القرنين! واحترم الإسكندر دين المصريين وثقافتهم وأمر بترميم معابدهم وآثارهم

قضى الإسكندر بمصر عامين، وقبل مغادرته ذهب عند مصب نهر النيل وأنشأ مدينة تحمل اسمه وهي (الإسكندرية) أحد أشهر المدن العربية بالوقت الحالي، وأحد أهم مدن العالم بالعصر القديم وقيل أن الإسكندر أسس ايضًا مكتبة الإسكندرية أو المكتبة العظمى والتي كانت أول وأكبر مكتبة حكومية بالتاريخ

بعد إنقضاء العامين.. حصل تحديث هام، تلقى الإسكندر رسالة من الملك داريوس الثالث الذي هرب بمعركة إسوس يُطالب فيه الإسكندر بإعادة عائلته إليه، وأنه مستعد أن يغفر له إذا أعادهم له فقط ولكن الملك الجديد الواعد الإسكندر رد عليه برسالة لاذعة ساعيًا منها إلى مواجهة نهائية مع داريوس!

عرض داريوس نصف إمبراطوريته للإسكندر مقابل السلام لكنه رفض.. الإسكندر لا يريد نصف الإمبراطورية بل غايته أن يأخذ كل شيء تحرك الإسكندر نحو بابل (العراق) وتلقى أخبار من الجواسيس أن جيشًا فارسيًا كبير يركبون على ظهر فيلة ويقودهم داريوس بإنتظاره! لم يخفّ الإسكندر وقام بالتوجه إليهم!

كانت هذه المعركة هي خط الدفاع الأخير من الأمبراطورية الفارسية لإيقاف الإسكندر، وبالمقابل الفرصة اللوحيدة للإسكندر لتحطيم القوة الفارسية مرة واحدة وإلى الأبد وكانت تلك المعركة تسمى (معركة غوغميلا) وهي إحدى أبرز المعارك الفاصلة بالتاريخ..

كانت المعركة على أرض مفتوحة تعمد داريوس إختيار هذه الأرض حيث سيكون تفوقه العددي أكثر إفادة، حتى أن جنوده قاموا بتنظيف الأرض وتسويتها لجعلها مناسبة لعرباتهم الحربية وبالجبهة الثانية كان جيش الإسكندر أصغر وربما كل جندي منهم يواجه جنديان من الفرس

كانت المعركة نظريًا سينتصرون بها الفرسّ ولكن الإسكندر لم يكن ذو ضراوة شجاعة فقط بل تمكن بتكيكاته التي تدرس الآن بالمدارس العسكرية حول العالم، أن يغير الموازين الإسكندر إستطاع خداع قلب الجيش الفارسي وإضعفاه وقام بالتركيز عليه وهُزم القلب وتشتت الفرس وهرب داريوس للمرة الثانية

هزم الإسكندر جيش داريوس العظيم وأصبحت بابل عاصمة الإمبراطورية الفارسية مفتوحة أمامه ودخلها بكلّ عزّة وكان مفتونًا بروعتها، رأى الحدائق المعلقة إحدى عجائب الدنيا السبع ومشى بشوارع الزهور واعترف به المسؤولين الفرس في بابل كحاكمهم الشرعي الحديث

خلال 6 سنوات إستطاع ان يجلس على العرش البابلي وأن يكون فرعون مصر وملك الملوك الجديد، لقد أصبح أقوى رجل بالكوكب وهو بعمر الـ25 فقط لم يكتفي بهذه العزة بل إستكمل سيره نحوّ السيطرة على العاصمة القديمة "برسبوليس" وعند وصوله أمر بحرقها! إنتقامًا لحرق الفرس قديمًا معابد أثينا المقدسة

عندما أحرق المدينة كان الإسكندر مخمورًا من كثرة الشرب، وعندما أفاق ندم بمرارة على قراره وكان هذا شيئًا نادرًا ما تجدّه لدى الحكام وهو أن يندموا على أفعالهم الإنتقامية استكمل الإسكندر السيّر وكان هدفه العثور على الملك الهارب داريوس الثالث

إقترب الإسكندر كثيرًا من مكان هروب داريوس ولكن عندما وصلّ إليه وجده قُتل على يد أحد جنرالاته المعروف بإسم "بيسوس" الذي أعلن نفسه حاكم الإمبراطورية الفارسية الجديد أحزنه الإسكندر رؤية خصمه على هذا الحال، فنزع الإسكندر وشاحه وغطى به جثة داريوس وأمر بدفنه في المقابر الملكية

تقول إحدى الروايات ومنها على لسان الإسكندر نفسه، أنه عندما وصل إلى داريوس كان الملك على قيد الحياة وبايع الإسكندر خليفة للعرش ثم مات على ذارعيه من الروايات المذكورة عن تلك الحادثة أن الإسكندر تلقى كلمات من داريوس وصاه من خلالها أن يكون ملكًا صالحًا وعادل

يعتبر المؤرخون أن نهاية الإمبراطورية الفارسية حلّت بوفاة داريوس، من هنا رسميًا الإسكندر صار اسمه (الإسكندر الأكبر) كانت هذه لحظة حاسمة نظر فيها الإسكندر بفخر وقام من خلالها بتنظيم إمبراطوريته الجديدة وتفقدها ولكن وضع هدف جديد وهو العثور على المنقلب "بيسوس" الذي قتل داريوس

بعد هذه الحادثة وأثناء تفقد الإسكندر إمبراطوريته الجديدة، وقعت حادثة جدًا جدًا مهمة عند جبال القوقاز تحكي بعض القصص القديمة أن الإسكندر إلتقى بأهل المدينة في منطقة القوقاز غرب آسيا وشكوا له بأن هنالك قوم همج برابرة يجتمعون لغزو المكان، فاقترحوا عليه بناء سد يحميهم مقابل المال

استجاب الإسكندر لطلبهم ولكنه رفض تقاضي أيّ أموال منهم وطلب فقط عمال أشداء، وثم أمر ببناء صرح عظيم من الحديد يُعرف بإسم (بوابات الإسكندر الحديدية) الغريب أن الإسكندر لم يتحمس ويواجه القوم الهمجّ وهذه قد تكون فرضية على أن إمكانيات جيشه لا تفوق هؤلاء الهمج ولا يمكن مواجهتهم

الكثير يُشبه هذه القصة لما ورد في سورة الكهف عن قصة حبس ذي القرنين ليأجوج ومأجوج لكن لا تستعجلون بالقسم الثاني في الثريد راح نتكلم عن كل الدلالات والعلامات المتعلقة بإرتباط الإسكندر بذي القرنين خلونا بهذا القسم نستكمل سيرة الإسكندر...

لم ينسَ الإسكندر أمر "بيسوس" قاتل داريوس، وطارده إلى آسيا الوسطى وفي طريقه تعرض بيسوس للخيانة من رجاله وسلّموه إلى الإسكندر وأخذه الإسكندر وقام بإعدامه علنًا بتهمة قاتل الملك (Kingslayer)

بعد هذا الحدثّ كان الإسكندر وصل إلى حافة الإمبراطورية الفارسية وأصبحت جميع أراضي الإمبراطورية تحت سيادته وفي تلك الأثناء وقع بحب أميرة فارسية تُدعى روكسانا وتزوجها، الإسكندر بدأ أيضًا في تبني عادات وطقوس فارسية

كانت ردود الفعل داخل جيش الإسكندر ممتعضّة وغاضبة بسبب تبني وإرتداء الإسكندر ثياب عدوهم الفارسي المهزوم، حتى أنهم بدأوا يروّنه كافرًا بنظرهم منحلّ عن عاداتهم الإغريقية الوثنية بعض المصادر تعتقد أن الإسكندر بدأ في تغيير معتقداته الوثنية منذ دخوله للقدس وعرض إصحاحات سفر دانيال عليه

ولكن تنص هذه المصادر بأنه كان يُخفي حقيقة معتقداته، وإشارة إلى ذلك أن الإسكندر عندما غضب جنوده منه وطالبوه بالعودة للوطن ورؤية أبنائهم وأهاليهم، إستجاب ولم يتصادم معهم والشاهد في طريق العودة إستقر الإسكندر في بابل ولم يعد إلى مقدونيا

أثناء وجودّه في بابل خططّ الإسكندر في شن حملة جديدة سوف تستهدف منطقة لم يفتحها أي إمبراطور وهي (الجزيرة العربية) لكنه أُصيب بحمى مفاجئة، كانت تلك الحمى قاسية جدًا وأدت إلى وفاة الإسكندر الأكبر! توفى بعمر الـ32، بسجلّ خالي من الهزائم (22-0)

حسب كلام مرافقي الإسكندر لم تتحل جثته لأكثر من 6 أيام، بعض الأشخاص يشير إلى هذا اللغز بأن الإسكندر رجل صالح وهذا ما روى في الموروث الصالحين لا تتحلل جثثهم ولكن أحد الدارسات العلمية تقول أن الإسكندر ربما أُصيب بالشلل قبل موته وهذا ما أبطئ عملية تحلل جثته

بعد وفاة الإسكندر إندثرت وتقسمتّ إمبراطوريته العظيمة لأنها لم تتوحد الا من خلال تألقه واسمه وما حدث لتابوته هو من أكبر الألغاز في التاريخ، فقد أُختطف وقيل أنه وصل للإسكندرية بمصر ولكن إلى هذا اليوم لم يُعثر على مقبرة الإسكندر ولا تابوت

بصمات الإسكندر في العالم لن تُنسى، كان له الفضل في نقل الثقافة والفلسفة اليونانية للشرق لتساهم بتطور الفن والعلوم، وكان متسامح مع الثقافات والأديان الأخرى، وشجع على التزاوج بين الشعوب والتأليف بينهم قليل من الرجال كان لهم مثل هذا التأثير التاريخي

كانت تلك الرواية الرسمية لقصة الإسكندر الأكبر معظم المخطوطات الموصولة به مفقودة، وبعض المؤرخين اليونايين لم يكونوا منحازين له لتغير معتقداته الوثنية لذلك هنالك جانب آخر لرواية الإسكندر الأكبر تجعله هو ذي القرنين الملك العادل المؤمن.. التكملة الساعة 12:30 بالقسم الثاني من الثريد

القسم الثاني سيبدأ بعد 10 دقائق..

[قصة ذي القرنين] ذُكر في السيرة النبوية للرسول صلى عليه وسلم، قصة غريبة كانت السبب في نزول الآيات القرانية عن ذي القرنين تقول القصة أن أحبار اليهود أرسلوا للنبي محمد ثلاثة أسئلة كي يُجيب عليها إذا كان نبي.. وكان من ضمنهم سؤال عن ملك طوافّ بلغ مغارب الأرض ومشارقها

اسلتم الرسول أسألتهم وقال لهم "أجيبكم غدًا" وأتى الغد ولكن لم يأتي الوحي، وأتى بعد الغدّ ولم يأتي الوحي، واستمر الوحي منقطعًا لمدة 15 يوم، حتى نزل بالآية الكريمة ((ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله)) وصاحبة الآية واحدة من أجملّ سّور القران الكريم وهي سورة الكهف

تكلمت سورة الكهف عن الاسئلة وجاوبت عليها، وجاء الرد عن الملك الطوافّ من الآية 83 إلى 98 ذكرت تلك الآيات الملك بلقب ذي القرنين، ووصفته على أنه ملك مؤمن كان يعذب الظالم ويُكرم المحسن، آتاه الله وتمكن بالآرض وسار في إستكشافها وصادف قوم يأجوج ومأجوج وردم عليهم سدين من الحديد والنحاس

الأمر المهم في هذه القصة العظيمة أن أصحاب السؤال عنها هم الأحبار اليهود الذين إستقبلوا الإسكندر في القدس وعرضوا عليه سفر دانيال.. وهذا أول شيء مشترك بين قصة ذي القرنين والإسكندر الأكبر

الغريب أن اسم الإسكندر الأكبر ورد في التقاليد اليهودية بصّورة حسنّة، وتحدث عنه المؤرخ اليهودي "يوسيفوس فلافيوس" وقال بأن الإسكندر تأثر بمعتقدات اليهود وأكرمهم عندما زار القدس وما يعطي هذا المؤرخ بعض القيمة لكلامه هو أنه كان يعيش بفترة قريبة من حياة الإسكندر

هذا المؤرخ المهم لم يكتفي برواية أن الإسكندر كان متأثرًا بالدين اليهودي، بل أيضًا سجل أن الإسكندر إلتقى بشعوب همجية عند جبال القوقاز أثناء مطاردته لبيسوس وإتخذ الإسكندر موقفًا ضدهم ببناء سد من الحديد عليهم دون مهاجمتهم.. وهذا شيء اخر مشترك بين قصة ذي القرنين والاسكندر

وفي الدين السماوي الآخر (المسيحية) ورد اسم الإسكندر في التقاليد المسيحية الأثيوبية واشترك جدًا مع قصة ذي القرنين، كانت تروي تلك التقاليد أن الإسكندر اسمه الإسكندر ذي القرنين! وكان مؤمنًا بالله! أرسل إلى امه رسالة عن إيمانه بالله وأخبرهم عن بوابتين نحاسية بناهما لحبس بعض الملوك!

هنا نجدّ ان هنالك دلالات مشتركة في الأديان السماوية على أن الإسكندر الأكبر هو ذي القرنين.. ولكن هل هذا فقط كل شيء؟ بالطبع لا، يوجد نص قديم جدًا لا يُعرف من هو مؤلفه كان يحمل هذا النص اسم (رومانسية الإسكندر) روى سيرة شبه ذاتية عن الإسكندر إنتهت بإدراكه التواضع والتقوى

- [رومانسية الإسكندر] هي مخطوطة يونانية كانت مسجلة بالفترة التي عاش بها الإسكندر روّت المخطوطة فصلين من حياة الإسكندر الفصل الأول: تكلم عن بطولية وقوة الإسكندر الفصل الثاني: تكلم عن إدراك الإسكندر بفناء الحياة وأهمية العطاء والتواضع والتقوى

لم يُعثر على المخطوطة الأصلية لكن كانت نصوصها مسجلة بلغات مختلفة ومع كل لغة وجدّت القصة بعض الإختلافات ولكن ما كان مسجل باللغة السريانية من المخطوطة هو أن الإسكندر سافر إلى أقاصي العالم ثم بنى جدارا في جبال القوقاز لإبعاد من يُعتقد بأنهم يأجوج ومأجوج!

كانت هذه النصوص القديمة لها أوجه تشابه قوية مع شخصية ذي القرنين والإسكندر الأكبر، وكان لها سبب رئيسي في إعتقاد "وهب بن منبه" أحد كبار المؤرخين المسلمين في عهد التابعين أن الإسكندر هو ذي القرنين ولم يكنّ وهب بن منبه فقط حتى المبشر بن فاتك كلاهما اعتقدوا نفس الأمر

- [دلالات مادية] لم تكن فقط تلك النصوص والمخطوطات الرابط بين الإسكندر وذي القرنين.. توجد أيضًا روابط مادية، تم تصوير الإسكندر الأكبر في العملات اليونانية القديمة بقرون الكبش! هل من المصادفة أن يتم تصوير الإسكندر بقرنيّ الكبش عمون؟!

كان هناك عدد كبير من الفئات المختلفة للعملات القديمة التي صوّرت الإسكندر بقرنين.. وأكثر هذه العملات أهمية هي هذه العملة وكانت من السنة الأخيرة لحكم الإسكندر يبدو واضح من الشكل الأيمن انه يرتدي خوذة ويوجد له قرنين، الأهمية بهذه العملة أنها الوحيدة التي كانت من عصر حياة الإسكندر

جميع العملات التي ظهرت بعد ذلك كانت بفترة قريبة بعد وفاته، لكن هذه العملة لا تكمن أهميتها في كونها قديمة فقط، لم تضع هذه العملة صور أي الهة وثنية أو شركيات بجانب صورة الإسكندر بالمقابل العملات التي صدرت بعد وفاته وضعته بجانبه الآلهة الوثنية، وكأن الإسكندر كان يرفض تلك المعتقدات

ولكن الأكثر عجبًا هو إكتشاف تم العثور عليه في 2018 بالقرب من جبال القوقاز كان الإكتشاف للوحة قديمة للإسكندر الأكبر رسمت على رأسه قرنين!.. وهذه علامة بأن تصوير الإسكندر بالقرون لم يقف فقط على العملات

إن ارتباط الإسكندر بقرنين وبناء سدين من الحديد وإستمراره في الكثير من الروايات والإكتشافات، هو سبب وضع إحتمالية أنه هو ذي القرنين المذكور في القران الكريم ولكن ايضاً هنالك دلالات تشير بالنقيض وتبين أنهم ليسوّا شخصًا واحد، وقد يكون ذي القرنين شخصية أخرى غير الإسكندر الأكبر

ومن أصحاب هذا الرأي الإمام ابن تيمية الذي رفض ربط ذي القرنين بالملك المقدوني الإسكندر الأكبر

في النهاية يبقى الإسكندر الأكبر من أكثر الأفراد إلهامًا واستثنائية في التاريخ، وأقوى قائد عسكري عبر الأزمنة كلها، لم يتعرض لأي هزيمة، واستحال مقامه الأساطير حتى أصبح المقياس الذي يُحدد القادة العسكريون بناءًا عليه نجاح أو فشل مسيرتهم

استمر إعتقاد أن الإسكندر هو أقوى جندي بالتاريخ حتى وصول العصر الإسلامي وظهور قائد ملقب بسيف الله المسلول ساهم بفتح الشام والعراق وترك دورًا هام في إنهاء الإمبراطورية البيزنطية ولم يخسر أي معركة وهو خالد بن الوليد يظن الكثير أنه المحارب الوحيد الذي يستطيع الوقوف بوجه الإسكندر

إنتهى هنا هذا الثريد الضخم، إلي مؤرشفه يقدر يجيب مشروبه ويبدأ بالقراءة الآن، وإلي خلص مشكور على القراءة! نرآكم بمواضيع أكثر اثارة بالمستقبل، ولا أستغني عن ارائكم